"A NASTY SHEEP STORY AT DAK'ART 2004!"

Published in ART versus SOCIETE [April 2021] - (Arabic translation)

The original version of this article was published in the second issue of ART versus SOCIETE, under the direction of Herve Fischer: http://www.analisiqualitativa.com/magma/1803/article_10.htm

الإنصاف في فرز الخراف 


حسن موسى




   

"لنرجع لخرافنا"

«Revenons à nos moutons.» 

تعبير  غريب طالما حيّرني وأنا حديث عهد برطانة أهلي الفرنسيس، لأنه يقع  عادة في لحظة تشعّب أو إختلاط دروب المناقشة.ـ و بعد البحث عن علاقة الخراف بتشعب النقاش، [ شكرا قوقل 1]،عرفت أن التعبير قديم، أصله في مسرحية فرنسية مجهولة المؤلف من القرن الخامس عشر .ـفي المسرحية يبيع "غيُّوم"التاجر قماشا للمحامي "باتلان" لكن "باتلان" يحتال عليه و لا يدفع ثمن البضاعة. لكن شقاء "غيوم" التاجر لا ينتهي هنا، لأنه يتعرض للإحتيال مرة أخرى من طرف الراعي " تيبو" الذي سرق منه خرافا.و حين يشتكي "غيوم" الراعي" تيبو" في المحكمة  يكتشف أن "تيبو" قد وكل "باتلان" المحامي ليدافع عنه . و  هكذا يجد  "غيوم"نفسه في مواجهة" الشخصين الذين احتالا عليه.و حين شرع "غيوم" في شرح ابعاد قضيته اختلطت عليه خيوط الإحتيال المزدوج بين حكاية القماش و حكاية الخراف، و احتار القاضي في فهم دعوى التاجر فانتهره قائلا" لنرجع لخرافنا"،أي لموضوع الدعوى الاساسية .

  ـ 

  الأسطر التالية  تنطوي على محاولة [يائسة؟] لفرز" خرافنا"من خراف الفنانين الامريكان الموصوفين بـصفة الـ"آفرو أميريكان" التي تنطلي على الامريكيين من ذوي البشرة السوداء.ذلك لأن هؤلاء القوم ، في العقود الأخيرة، درجوا على جلب خرافهم الأمريكية لتوطينها في هذا الهامش السياسي الضيق الذي اعتاد الناس على تسميته بـ" الفن الإفريقي المعاصر". هذا "الفن الإفريقي المعاصر" هو في الحقيقة إختراع أوروأمريكي متأخر ظهر في نهاية القرن العشرين كوصفة ثقافية مُعَوْلَمة هي نسخة معاصرة لما كان الأوروبيون يسمونه بـ"لار نيغر

"

«l' Art Nègre»

 [ الفن الزنجي].

 هذا "الفن الزنجي" مربط سياسي لا يقول اسمه لكن، في عتمته تتقاطع البلاوي المفهومية المحافظة للتاريخ و الجغرافيا و علم الجمال و هلمجرّا لفائدة عملاء الرعاية الفنية المنافحين عن مصالح دوائر السوق. ـ

 

 

  الأمريكي في داكار الخزف


في بينالي داكار/ت 2004

 Dak'Art 2004 

. ثلاثة فنانون أمريكيون :"دافيد هامونز" و"ماريا ماغدولينا كامبوس بونس" و"باميلا زد »ـ"

Davis Hammons,

Maria Magdalena Campos-Pons ،

 Pamela Z 

 عرض هؤلاء الفنانون أعمالهم ضمن المشروع الفني  الأمريكي : "3في3"،و ينطوي المشروع على تظاهرة ثلاثية "آفروأمريكية" مهمّة وصفها قيّماها (صلاح حسن  و شيريل فينلي)بثلاث كلمات عامرات بالرموز هي :" مكان ذاكرة الدياسبورا"ـ

«Diaspora Memory Place » (2)

 و أنا احبذ  استخدام عبارة "الدياسبورا" بدلا عن الترجمة المتداولة في العربيةبـعبارة " الشتات"، لأن عبارة"

 دياسبورا"تصون الثقل الأناجيلي في المفهوم بينما عبارة" الشتات" ـ في نظري الضعيف ـ تقارب معاني  الإنتثار و التفرّق و التبعثر بدون إرادة إلهية قابضة على مصائر الجماعة المشتّتة. ومشروع "مكان ذاكرة الدياسبورا" مصمّم ،حسب توصيف منظميه، كسعي كوكبي فحواه دعوة فناني الدياسبورا الإفريقية المعاصرين،(إقرأ الفنانين الآفروأمريكيين)ـ

«Afro-américains»

، لخلق أعمال جديدة في عدة أمكنة بمدينة داكار. في هذا المشروع يقف الثلاثي الأمريكي كممثلين للجماعة"الآفروأمريكية" و كحاملين للواء "فناني الدياسبورا الإفريقية"ـ  

«artistes de la diaspora Africaine»

 طبعا، لا أحد ،(تقريبا) ،يملك أن يحتج عليهم بلا مشروعية الألقاب الهويولوجية التي تغطي فراداتهم بقناع إفريقي أزلي يؤسس أفريقانيتهم على قناعة صلدة بـ حظوة وبلعنة السواد الذي يحيل مصائرهم لحيث « إفريقيا الأم ».

«Mother Africa»

ـ  هذا الإنتماء الإفريقي المؤسّس على سواد البشرة ألهم قطاعات الأمريكان السود[و البيض أيضا] نشدان العزاء في خرافات البحث عن "جذور "سوداء  في أفريقيا "أليكس هالي"ـ

A.Haley

 مثلما ألهمهم إحتمال بناء "أمّة" « ماركوس غارفي »

 M.Garveyـ"

 السوداء" في قلب الأرض الأمريكية البيضاء 

 وحين يفد الفنانون الأمريكان المتأفرقين  للقارة الإفريقية فمخيلتهم تظل عامرة بأحابيل التاريخ الأفروأمريكي التي يسوّغون عليها إحتمال أن أمريكا هي، أيضا، بعض إفريقيا.

قلت أن لا أحد[تقريبا]، يملك أن يحتج على الفنانين الأمريكيين السود بضعف مشروعية الأقنعة و الألقاب الأفريقانية التي يموّهون من ورائها فراداتهم  الإبداعية لكي يندمجوا عفويا في الصورة الإفريقية، لكني أحتج عليهم بلا أخلاقية صفة "الممثلين الرسميين للولايات المتحدة في بينالي داكار/ت  ـ2004 ». من جهة،لأنهم كـ"آفرو أمريكيين"يفتقرون للمصداقية في دور "الممثلين الرسميين" في مجتمع معرقن انحط بالجماعة السوداء فيه من مقام( نحن قادرون)[أوباما]ـ

«Yes we can!»

لمقام

(إني أختنق) 

 « I can't breathe» 

 [ Eric Garner]ـ

يعني بالعربي كدا : "ما خايلة فيكم". و من جهة أخرى ، فتمثيلية الولايات المتحدة "ما خايلة" في بينالي داكار،و لو شئت قل ـ على أثر البلاغة الشعبية : هي كما" السرج على الكلب". لأن هذا البينالي، السنغالي الإمكانيات و البانأفريقاني الطموحات، لا ينتمي لفئة البيناليات الجامعة للقوميات ، و التي تستقبل الدول ككيانات فنية، كما هو الحال في "بينالي البندقية" مثلا. ففي "بينالي البندقية" تملك أغلب الدول صالات قومية تمثلها هي في حقيقتها أدخل في منطق "السفارة" منها في مفهوم "الغاليري" المفتوحة. في الصالة/السفارة تنتقي الدولة ممثليها الفنيين الرسميين و تستعين بهم في الإستحواذ على المشهد الفني الدولي كمنصة في خدمة خطاب البروباغاندا السياسية . ـ

مساهمة هؤلاء الفنانين الأمريكيين في بينالي داكار/ت 2004 تمت بدعم من "صندوق دعم فناني الولايات المتحدة في المهرجانات و المعارض الدولية".ـ

«The Fund for U.S. Artists at International Festivals and Exhibitions»

و"وزارة الخارجية الأمريكية"

«The U.S. Department of State»

 و الوقف الأمريكي القومي لدعم الفنون 

«The National Endowment for the Arts»

و "روكفلر فاونديشن"ـ  

«The Rockefeller Foundation» 

ـ و "وقف بيو الخيري"ـ

«The Pew Charitable Trusts»

و "فورد فاونديشن"ـ

«The Ford Foundation»

و "مكتب الشؤون التربوية و الثقافية بالولايات المتحدة"ـ

«The Bureau of Educational and Cultural Affairs of the U.S. »

 و "سفارة الولايات المتحدة في داكار"ـ

«l'Ambassade des USA à Dakar»

(3)

 قائمة الرعاة الأمريكان ذوي البأس السياسي و المالي تفضح زيف المصداقية الأخلاقية للفنانين الأمريكان المتأفرقين الذين يطرحون ذواتهم قدوة حسنة، لا للجماعة الآفروأمريكية فحسب، و إنما للقارة الإفريقية بحالها. و لا أحد يدري أي موقف كان "دافيد هامونز" سيقف من رعاته القابضين لو كانت العناية قد وضعته في مواجهتهم في سنوات الثمانينيات.ذلك أن "هامونز" الثمانينيات كان يبشر فناني أمريكا بالثورة ضد نظام الفن الرسمي في أمريكا.ففي حوار مع "كيلي جونز" بمجلة "ريال لايف"،(1986)، "صرح هامونز" :"في هذا البلد ، إذا لم يتماهى فنك مع الفن السائد، فلك أن تنساه ".." لقد كنت دائما على قناعة بأن على الفنانين أن يقفوا ضد النظام السائد" (4)ـ

في داكار/ت 2004 قامت مؤسسة الفن الرسمي الأمريكية بإبتعاث الثالوث الفني الآفروأمريكي للقارة السوداء في مهمة رسمية مضمونها تسويق النسخة الأمريكية من الـ "بانأفريكانيزم". و أعني بالنسخة الأمريكية من الـ"بانأفريكانيزم"، صورة إفريقيا كما بناها خيال الطبقة الوسطى البيضاء  الخارجة من ذاكرة الإستعباد في الولايات المتحدة . النسخة الأمريكية من الـ "بانأفريكانيزم" هي في حقيقتها إجابة استعمارية  و عرقية خرقاء على السؤال الإجتماعي الذي طرحه عليها حضور الأشخاص "السود" في أمريكا " البيضاء".لكي تتجنب الطبقة الوسطى البيضاء مصير التمازج الذي يتربص بها من واقع التعدد العرقي، اخترعت أمريكا منتصف القرن التاسع عشر نسختها من الـ " بانأفريكانيزم" بغاية صيانة الصفاء العرقي للمجتمع الأبيض بالتخلص من المواطنين السود الخارجين من عهد الإسترقاق، و ذلك بارسالهم لإفريقيا. و لا عجب فما السود سوى دياسبورا إفريقية تعود لأرض ميعادها بعد دهور التيه الطويلة..[ طبعا الدياسبورا الأوروبية في الأرض الأمريكية لا خوف عليها و لاحزن و لا حاجتين ]..ـ

و في هذا المشهد توصلت النخبة السياسية الأمريكية، في عام 1816 لتأسيس " جمعية الملونين الأمريكان الإستعمارية" :

«The Society for the Colonization of Free People of Colour of America »

  ـ و قد عرفت ايضا تحت مسمى" الجمعية الأمريكية للإستعمار »ـ"

«American Colonization Society: ACS»

نشطت هذه  "الجمعية الأمريكية للإستعمار" ، و بين مؤسسيها أربعة من رؤساء الولايات المتحدة،[أبراهام لنكولن، ثوماس جيفرسون،جيمس مونرو و جيمس ماديسون]، نشطت، بمعونة جماعات نصرانية عرقية مثل ال"كويكرز"، في تبرير ما عرف حينها بـ"إعادة التوطين»ـ

«Repatriation»

 و المقصود إعادة توطين الزنوج الأمريكان الأحرار في إفريقيا.ـ كانت تلك الجمعية من بواكير مساعي عقلنة القارة الإفريقية كمكان مفهومي يستوعب هوية جمعية للسود. و قد اجتهد القائمون عليها لتصويرها كيوتوبيا سوداء للحرية. لكن الحلم الطوباوي الاسود الذي اسست له أمريكا في شكل دولة الحرية"ليبيريا"،(1847)، انمسخ لكابوس بشع طويل بالنسبة لسكان ليبيريا الأصليين.ذلك لأن "الإخوة السود" الوافدين من أمريكا "تناسوا"[؟] دروس تراجيديا الإسترقاق  في أمريكا و انقلبوا على " بني جلدتهم" في ليبيريا و استعمروهم و ساموهم صنوف القهر ،حتى أن "عصبة الأمم" أدانت النظام الإستعماري الأمريكي الاسود في ليبيريا،(1931)، لأنه فرض على سكان ليبيريا الأصليين العمل الإجباري ، سخرة، في مزارع المطاطـ  التي كانت النخبة الأمريكية السوداء تستثمرها  لصالح صناعة السيارات الأمريكية["فايرستون" و "فورد"..]. و قد ظلت دولة الإستعمار الأمريكي الأسود في ليبيريا تعامل السكان الليبيريين الأصليين كمواطنين من الدرجة الثانية محرومين من حقوقهم الإنتخابية حتى عام 1945ـو يمكن القول ان المستعمرين الأمريكان السود الذين كان شعار دولتهم «  محبة الحرية هي التي أتت بنا هنا » :

"The love of liberty brought us here"

 .ـ. اخترعوا أول نسخة من نظام "الأبارتايد" القائم غلى التفرقة العرقية بين سكان البلد الواحد.هذا الـ"أبارتايد، [ الـ" أسود على أسود"] سبق "الأبارتايد" الجنوب إفريقي،[الـ" أبيض على بقية الألوان غير الأوروبية « ]، (1949)، بحوالي قرن من الزمان ، فتأمّل(5)..ـ



بيزنيس الذاكرة الإفريقية


إختيار"الذاكرة" كمحور للفعالية الفنية التي تجمع ثلاثة فنانين أمريكيين سود، و إنخراط هؤلاء الفنانين   بكليتهم في موضوع "الذاكرة" من خلال أعمالهم في بينالي داكار/ت 2004 يضيء  المنهج الذي يحكم تعامل هؤلاء الفنانين و رعاتهم الأمريكيين مع مجتمع الأفارقة.ـ

لقد اختطف هؤلاء الأمريكيون التاريخ الإفريقي و اعتقلوه رهينة في وكر ذاكرة الإستعباد الأمريكي، ذلك أن أعضاء الثالوث الفني الأمريكي حضروا في الأرض الإفريقية، لا كما يحضر العبد المتمرد الذي يكسر قيده و يعود هاربا لأرضه و أهله، و إنما حضروا كعملاء مأجورين لسلطات البانأفريقانية الأمريكية.لقد كلفتهم دوائر البانأفريقانية الإستعمارية بأن يعودوا للقارة السوداء ليبذروا وسط "السكان الأصليين" بذور الذاكرة الآفروأمريكية السمحة،و لا يهم ما إذا كانت ذاكرة الأفارقة تتمدد و تفيض عن حدود تجربة الإسترقاق الأمريكي . و هكذا انمسخ عمل هؤلاء الفنانين الأمريكان لمجرد ذريعة بائسة للتلبيس السياسي في مشهد ذاكرة الإسترقاق التي تهجس مجتمع أمريكا المعاصر بينما الأفارقة عنها مشغولون بأولويات البقاء الآن و هنا.لقد صعّد الأمريكان ذاكرة الإسترقاق لمقام قرينة سامية للهوية السوداء، و في هذا المشهد نجد بين سود امريكا من يطعن في أحقية إنتماء "أوباما" للملة الزنجية الأمريكية بحجة أنه أسود وافد من خارج التاريخ الزنجي الأمريكي ،إنه مجرد أسود غير موصوم بذاكرة الإستعباد ـ

ضمن هذا السياق البالغ التركيب حضر هؤلاء الفنانون الأمريكيون في الأرض الإفريقية بوصفهم"سود"[ترجم :بوصفهم "أفارقة"]،ثم، بوصفهم "آفرو أمريكيين"،[ ترجم :بوصفهم"ضحايا للتاريخ  الإفريقي الأمريكي"]،و في النهاية بوصفهم"أعضاء في ملّة الدياسبورا"، [ترجم : بوصفهم موعودين بالعودة لأفريقيا الأرض الأم"]. كل هذه الصفات التي يحتفي بها سود أمريكا و بيضها في آن ،تقود تلقائيا لنفي سود أمريكا لخارج التاريخ الأمريكي نحو إفريقيا موصوفة بكونها قارة السود.ـ

 طموح مشروع "3في 3" يندرج في النوع الفني المفهومي الذي يدمج الأثر الفني في طبيعة المكان الذي 

يتم فيه الخلق. و هو مايسمونه بالـ

«site specific works»

أو العمل "المواضعي" لو جازت ترجمتي للعبارة :ـ

(in situ)

ـ [و هيهات]ـ

و مفتاح القصد السياسي في هذا المشروع يكمن في عبارة "المكان"أو "الموضع"

«Site»

 او " الأرض" في المعنى الإستعماري :

«territoire /territory »

ـ و لو شئت قل :"المقعد"في معنى الحيز المادي الذي يتم داخله تقعيد الأثر الجمالي. ـ(

 و ذلك لأن مشروع"3 في3 »لا يمكن ان يتم في ارض إفريقيةأخرى بخلاف هذه الأرض الموصومة بذاكرة الإسترقاق،و هكذا يتم  ترفيع مكان عرض الأثر الفني لمقام مضمون جمالي في ذاته و ذلك باعتباره مكون عضوي اصيل في بنية  الاثر،ـ 

و لو تمادينا في هذا المنطق، منطق توثين المكان، لنهاياته فمن الممكن تسويغ الإستغناء عن الأثر بالمكان الذي يتجسد اثرا و كفى الله المؤمنين شر القتال .لهذا تمثل داكار، باعتبارها محطة مهمة من محطات تاريخ الإسترقاق، كـ"مكان" مثالي لمعرض صلاح حسن و شيريل فينلي :"مكان ذاكرة الدياسبورا". و أظن أن من الصعوبة تسويغ مشروع"3في3 » في بلدان مثل المغرب أو مصر أو إثيوبيا مثلا لأن هذه البلدان ، بحكم تميزها التاريخي تعتبر فالته عن طوائل ذاكرة الإسترقاق الأفروأمريكي.ـ


 الفيديو الذي قدمته "ماجدالينا كامبوس بونس"  يكشف من عنوانه :"خيوط الذاكرة"

«Threads of Memory»

  عن القصد السياسي لهذه الفنانة التي تعتبر من أعلام المشهد الفني الآفروأمريكي ، والتي بنت سيرتها الفنية على مراجع ذاكرة  الإسترقاق. في عملها يندمج تاريخ الإسترقاق الأمريكي مع تاريخها الاسري،بذريعة اصولها ككوبية تجري في شرايينها الدماء الإفريقية و الصينية.و حضور "كامبوس بونص" ضمن الثالوث الفني الآفروأمريكي يضفي عل مشروع "3في3 »نبرة "لاتينية" توسع مشهد ذاكرة الإسترقاق لما وراء حدود  الولايات المتحدة الأمريكية.ـأما الموسيقية الأمريكية"باميلا زد"،التي يعتمد اثرها الفني على التصاويت الموسيقية الإلكترونية فهي تدخل على موضوعة الذاكرة الآفروأمريكية من باب المكان الأكثر حظوة بين أمكنة التاريخ، لأنها عرضت تصاويتها في "بيت العبيد" بجزيرة "غوري" التي كانت سفن ترحيل العبيد تحملهم منها للمصير الأمريكي المظلم.ـ

و إذا توصلت كل من "الأختين" « كامبوس بونس » و "باميلا زد"،لبناء أثريهما بشكل مباشر على قاعدة ذاكرة الإستعباد التي تطوي القرون لترد سود أمريكا لأهاليهم في القارة الإفريقية،فـ"الأخ" «هامونز» يتبع مكيدة مفهومية أشد إلتواءا فحواها أننا كسود نفهم بعضنا فوق عوارض التاريخ الإجتماعي و فوارق الجغرافيا الطبيعية.ـ "هامونز» يقول :"أهل داكار لا يرتادون معارض الفن المعاصر لانهم يعتقدون أن بينالي داكار/ت شيئ يخص البيض، و بالنظر لما يجري في عالم الفن المعاصر لا يمكنني أن ألومهم على غيابهم. على الأقل مع يانصيب الخراف اقدم لهم شيئا له علاقة بحياتهم. فهم سيشاركون في  عرض اليانصيب و في نهاية اليوم يرجع المحظوظ فيهم لداره مع خروفه»(6).ـ


من يتأمل في موضوعة ذاكرة الإسترقاق، التي تحتل موضع القلب من جماليات الفن الآفروأمريكاني ، لا يمكنه ان يتجاهل طبيعة المهمة الجسيمة التي عهدت بها سلطات الرعاية الفنية الأمريكية للثالوث الفني الآفروأمريكاني في بينالي داكار/ت 2004. فهي مهمة تقتضي ممن يتصدى لها استبطان المفهوم الذي سماه جان بول سارتر" تجربة المعاناة الجوهرية"للأسود في عبارته :ـ

«une expérience fondamentale de la souffrance»

التي وردت في نصه المعنون"أورفي الأسود"، 1948 :ـ

«Orphée Noir»

 الذي قدّم به لـ"مختارات  من الشعر الزنجي و الملغاشي"،التي جمعها "سنغور".ـ

Anthologie de la Nouvelle Poésie Nègre et Malgache .., Léopold Senghor, PUF,1948 »

 في هذا النص ينشـّط سارتر  موضوعة ذاكرة الإسترقاق في خاطر الشعراء السود الذين ولدوا بعد أكثر من قرن على نهاية عهد الإسترقاق. و حتى حين يعترف سارتر بأن" الإسترقاق من حوادث التاريخ البائدة التي لم يخبرها أي من الشعراء السود أو حتى اي من آبائهم، بشكل مباشر،إلا أن الإسترقاق يظل كابوسا ضخما  يخيم على الجميع،  ولا يدري ، حتى الأصغر سنا بين الشعراء ، ما إذا كان قد استيقظ منه أم لا.."(7)ـ

 لسوء حظ سارتر تبدو ذاكرة الزنوج الأمريكيين الذين استعمروا ليبيريا،خفيفة لدرجة الغياب التام.ذلك أن الشعر الزنجي الذي يحتفي به أهل الـ"نيغرولوجيا »من كل الألوان، ماهو إلا "تطبيق"واحد بين تطبيقات عديدة للمنافع السياسية المتكنـّزة في موضوعة الذاكرة الزنجية.لكن مشكلة الذاكرة، مهما كان لونها،هي في كونها آلية انتقائية، لأنها تتذكر من الوقائع أو تنسى حسب المصلحة الآيديولوجية التي تتوسمها في هذه الواقعة أو تلك.و الطبيعة الإنتقائية للذاكرة  تثير التوجس من أي تعويل جمعي سياسي او جمالي عليها.

و في منظور فساد التعويل الجمعي على الذاكرة تنفعنا تفاكير "فرانز فانون" السديدة في تقلبات ذاكرة مجتمع جزر الإنتيل الفرنسية بالنسبة للعلاقة بين الإنتيليين و الأفارقة.يحلل "فانون" كيف ان الإنتيليين نسيوا إنتماءهم الإفريقي و كيف تذكروه بين الأعوام 1939و 1945 أبان  الحرب العالمية الثانية.يقول فانون في نصه "إنتيليون و أفارقة" المنشور في  "من أجل الثورة الإفريقية" »،1964، :ـ

  Pour La Revolution Africaine, 1964).

   ـ "قبل حرب 1939،كانت هناك قناعة سائدة عند كل إنتيلي بأن الشخص الإنتيلي، ليس فقط افضل من الإفريقي، بل  أن بين الأثنين فرق جوهري لأن الإفريقي زنجي بينما الإنتيلي أوروبي(ص 25) ».و يحكي فانون كيف أن معلما  إنتيليا في مدرسة ثانوية، اسمه"إيمي سيزير" روّع مجتمع الإنتيل قبيل الحرب العالمية الثانية بقوله "ما أطيب الزنجي و ما أجمله"، بل أن بعض زملاء المهنة تبرعوا بشهادات مضمونها ان "سيزير مختل العقل.هذا المزاج تغير أثر الأزمة الإجتماعية و الإقتصادية التي عصفت بمجتمع الإنتيل بعد هزيمة فرنسا في الحرب  العالمية الثانية."و في زخم حركة النضال من أجل التحرر التي زامنت ميلاد الطبقة العاملة الإنتيلية،بدأ مجتمع المارتينيك يعقلن وعيه السياسي بذاته للمرة الأولى. »(ص 29). و في أول انتخابات بعد تحرير فرنسا شهد مجتمع المارتينيك صعود نجم النواب الشيوعيون في البرلمان.و يقول فانون : » و هكذاتحولت قناعات الإنتيلي بعد 1945 ».. »حيث اكتشف نفسه اسودا، بل زنجيا يحنّ لأفريقيا البعيدة و يمد نحوها أذرعا اصطناعية مصنوعة من شوق الإنتماء.كان الإنتيلي في فرنسا قبل الحرب يلحّ  على الجميع بأنه ليس زنجيا، و بعد 1945 صار الإنتيلي في فرنسا يذكر الجميع بأنه زنجي.(8) ».ـ

صورة إفريقيا التي تتلقى توق المارتينيك  للهوية الزنجية عبر اذرع إصطناعية 

 pseudopodes

 تنطوي على سحر مفهومي خلاب لأنها تستلهم المنطق البيولوجي لبعض الخلايا العضوية المعزولة التي تملك ان تستنبت أذرعا زائفة تمددها نحو مصدر الغذاء. (9).لأننا ، مع الفنانين الأمريكيين،عرفنا هذا الذراع الزائف الذي يسمّى بـ" الفن الإفريقي المعاصر"، و الذي تمده الخلية الأفروأمريكية الباحثة عن الغذاء المفهومي الاسود في فن الأفارقة.ترى ماذا جنينا في حق الإله حتى نستحق مثل هذا البلاء الأمريكي الجسيم؟ مندري؟لكن حكمة الأهالي تقول :"المال السايب يعلّم السرقة"، و أهو مالنا سايب و حالنا مايل حتى يسدد الله خطانا بمنهجية نقدية  نخارج بها فنون أهالينا بأقل الخسائر الممكنة، و الخسارة حاصلة على كل حال.أو كما قال:"إن الإنسان لفي خسر"، و أنّه فيه إلى آخر الدهر لكن "الله في".

هذا الشيئ الذي نسميه بـ " الفن الإفريقي المعاصر"ما هو إلا مكيدة مفهومية  و سياسية فبركها الرعاة الأوروأمريكيون و فرضوها في السوق الفني المعاصر باعتبارها الحيز الوحيد الصالح لإستيعاب الفنانين الأفارقة ضمن مشهد عولمة الثقافة الذي يدبر شؤونه الأورأمريكيون في شراكة طرفها الاقوى الولايات المتحدة. لكن هذا « الفن الإفريقي المعاصر » ليس مؤامرة متأخرة تفتقت عنها عبقرية الرعاة و العملاء من كل الألوان، العاكفين على تدبير شؤون راس المال في أرض الثقافة."الفن الإفريقي المعاصر"  هو دينامية ثقافية متأصلة و متصلة ،منذ فجر الإستعمار، في عادات الأوروأمريكيين الناظرين وجهة إفريقيا .و هو اليوم بمثابة "حظيرة هندية"ـ لو جازت ترجمتي لعبارة" إنديان ريزيرف" ، التي تدل على المنفى الداخلي المقفول الذي اخترعته أمريكا البيضاء لتسكين الهنود الحمر بعد أذاقتهم أشنع صنوف القهر الإستعماري."الفن الإفريقي المعاصر" هو "حظيرة هندية" للفنانين الأفارقة تمكن الأوروأمريكيين من تسكين الفنانين "الآفروأوروبيين" و الفنانين "الآفروأمريكيين"،(ترجم:«الدياسبورا الإفريقية")،في منفى جمالي يفرزهم من عيال" المصارين البيض" السارحين في براري الفن المعاصر خفافا من أثقال العرق و اللون و الجغرافيا السياسية . في  هذا القفص الذهبي الـ "ليـبـيـريـوي" يمكن للفنانين الآفروأمريكيين ان يعانقوا الفنانين الأفارقة و يوسعونهم حبا حتى الموت. و هكذا ساغ للفنانين الأمريكان السود أن يطرحوا في فضاء هذا" الفن الإفريقي المعاصر" نسخة جمالية خرقاء من تجربة الـ"لـَبـْيـَرَة" البائدة.(واستميحكم عذرا على العبارة : "لـَبـْيـَرَة" 

«libérianisation»

حتى أجد كلمة تحيط بالتركيب الجمالي و السياسي للموقف الإستعماري الآفروأمريكي في المشهد الفني للأفارقة). ـ

ـ لا شك عندي في أن الفنانين الأمريكان الثلاثة الذين حملوا على عواتقهم الزنجية عبء  الرجل الأبيض الأمريكي، هم اشخاص  يمارسون الخلق الفني بدراية عالية و بموهبة فنية أكيدة، لكن وعيهم السياسي بالعالم و بالفن يقصر عن طموح "الأخوات و الأخوان" في إفريقيا ( و في غيرها).و لو كان عندي براح اوسع من هذا لظاءرتهم بشيئ من آيات النقد المستحق، لكنى واثق من أن فولة فناني "3في 3" في بينالي داكار/ت 2004 ستجد ، يوما ما، بين النقاد الأفارقة [ و غير الأفارقة] من سيعتني بها، و يوفيها كافة حقوقها الجمالية و السياسية.ـ



خروف  الحلال و خروف الحرام 

 ـ

جاء في الأثر أن" الحلال بيّن و الحرام بيّن و بينهما أمور مشتبهات..".و في فضاء الأمور المشتبهات أطمح لفرز خراف  الفنان الأمريكي النصراني« دافيد هامونز » من خراف الأضاحي التي يجود بها المسلمون إجلالا لذكرى ابراهيم عليه السلام. ذلك لأن مساهمة " هامونز"  ، التي أثارت اعجاب و حماس الكثيرين في بينالي داكار/ت 2004 ،قامت على عرض حي"بيرفورمانص" عنوانه" يانصيب الخراف" :ـ

«The Sheep Raffle»

 و قد طغت واقعة "يانصيب الخراف"  محليا و عالميا ، على غيرها من وقائع البينالي ربما لأن عرض "هامونز" يتم خارج إطار صالة العرض التقليدية في الشارع وسط الناس العاديين، و لكن الأرجح أن شعبية العرض كانت مضمونة مسبقا بحكم أن "هامونز"،يتمتع بوزن اعلامي كبير يجعل منه نجما يستهوي النقاد و الباحثين في كافة احوال حركته و سكونه (10).ـ

  ـ وحركة "هامونز"التي زعم صاحبها أن قصدها" جلب الشعب للفن"بسيطة و معقدة في آن،ذلك أن "هامونز"   سعى لجلب شعب داكار للفن بتنظيم "يانصيب الخراف" قبيل عيد الأضحى. و قد تولت شركة "ماجي

«Maggi»

Nestlé الغذائية،التابعة لشركة "نستلي"ـ

بتنظيم الحملة الإعلامية لليانصيب في شكل لوحات اعلانية كبيرة بثلاث لغات،(ولوف و فرنسي و انجليزي) في المواقع الإستراتيجية، فضلا عن سيارات مزودة بمكبرات الصوت تطوف و تعلن عن تنظيم يانصيب الخراف في الأحياء الشعبية في الفترة من 6 لـ11مايو 2004.بمعدّل خروفين كل يوم.ـو هكذا تعود أهل الأحياء الشعبية في داكار على "عرض" « هامونز" الفني البالغ الشعبية.فكان الناس يقبلون بحماس على موضع اليانصيب و يشاركون في اليانصيب و يصفقون للفائزين الذين اسعدهم الحظ يفادرون مكان العرض مع خروفهم الفني. و أظن أن وجه القوة في أثر "يانصيب الخراف" إنما يتأتـّى من كونه  يبدو كحركة فنية بسيطة و شعبية، تقديرها لا يتطلب معرفة مسبقة بالفن،و في نفس الوقت تجد في وزن " هامونز" الفني ضمانة انتماء لعالم الفن المعاصر فضلا عن إندراجها في منطق اللعب.و وراء الإعتبارات الفنية يبقى الثقل الرمزي و المادي لموقف التضامن مع الشعب الداكاري المسلم في شكل هذه الهدية غير المتوقعة قبيل عيد الأضحى.احتياز خروف الضحيةشيئ مهم لكل مسلم يحلم بالتضحية في العيد الكبير و توزيع لحم الضحية على الجيران و المحتاجين. و رغم أن طقس التضحية لا يعتبر من أركان الإسلام، إلا أن التقليد الشعبي يكاد يجعل من التضحية واجبا مرعيا بين أغلبية المسلمين في مشارق الدنيا و مغاربها. و من وراء الإعتبارات الدينية و التقاليد الشعبية يبقى طقس التضحية كعلامة امتياز إجتماعي تميز الموسرين من أهل الطبقة الوسطى ، فما كل ساكني الأحياء الشعبية في داكار قادرون على دفع ثمن خروف العيد .ـ

لا أحد يدري ما إذا كان يانصيب "هامونز" مفتوحا لغير المسلمين، لكن العرض المبذول للجميع في الشارع تم بمنطق "عصفورين (أفريقيين)بحجر (أمريكي) واحد"، لأن الفنان الأمريكي منح شعب داكار فرصة إغتنام شيئ ذي قيمة مزدوجة مادية و رمزية و منح أهل الفن الإفريقي المعاصر جمهورا شعبيا. لكن نية "هامونز" المحمودة تموّه ، بالكاد،الإلتباس المفهومي المريع بين هذا الفنان الأمريكي النصراني الثري المشهور  و المتأفرق ، و شعب داكار المسلم الفقير .و الإلتباس المفهومي بين الفنان و جمهوره ـ ناتج ، في نظري الضعيف ، من جهل الفنان بالشروط الثقافية التي تكسب للطقس الديني اهميته في خاطر المسلم.و هو جهل كان  في مقدور الفنان تجنبه لو كان قد كلف نفسه مشقة سؤال اصدقائه المسلمين و قيّمي عرضه، و على رأسهم  أخونا صلاح حسن( جرّق جرارق الفن الإفريقي المعاصر)، أو حتى لو نظر في لوح قوقل المحفوظ المفتوح للجميع.نعم كان في مقدور" هامونز" أن يتوصل لحقيقة اولى مهمة فحواها ان دين المسلمين يمنع المقامرة(الميسر) (11). أما طقس التضحية ، فهو يقتضي من المضحي اعلان نية التضحية. و الإعلان يكسب لطقس التضحية صفة العمل الواعي المسبوق بالنية مما يتعارض و مبدأ المقامرة المحكوم بقانون الصدفة.و في نفس المشهد لا يجوز للمسلم ان يضحي بحيوان تم اغتنامه بطريقة غير شرعية مثل الحيوان المسروق او الحيوان الذي تم احتيازه في المقامرة.ـ

من يتأمل في عرض "هامونز" لا يقاوم التساؤل عن السبب الذي دفع بفنان في خبرة "هامونز" و حصافته لتقحّم فضاء الدين بـ"طبزة" مفهومية في خراقة "يانصيب الخراف"؟، بدون تحضير مسبّق و بدون تحسّب للألغام السياسية الظاهرة و الخفية التي تؤثـّث هذه الأرض؟ هل هي نزعة المقامرة التي ألهمته فكرة اليانصيب؟ أم هو مُكر يخفي الامتثال المخزي للتعليمات الصادرة من رعاة أراذل لا يُعصى لهم أمر؟مندري؟  

  لا أحد غير "دافيد هامونز" يملك ان يشرح لنا ، يوما ما، الاسباب التي جعلته ينخرط في هذه الكوميديا الآفروأمريكية  الغليظة التي يُغرّر فيها بالأفارقة،  و في عقر دارهم، باسم هذا الشيئ الذي يسمونه بـ"الفن الإفريقي المعاصر".و التغرير الأخلاقي في هذه السيرة يتجاوز الأفارقة ليشمل جمهور الفن الأفروأمريكي ايضا.لان الأفارقة الفقراء الذين شاركوا في اليانصيب هرعوا ناحية لحم الخراف و لم يبالوا بالقصد الفني و لا الديني في عرض" هامونز"،بينما رعاة الفن الآفروأمريكي فهموا من تزاحم الداكاريين في عرض "يانصيب الخراف" أن "هامونز" ساق الشعب لحرم الفن. و في انتظار هذا ال "يوما ما" الذي سيشرح فيه "هامونز" ما حفزه لتنكب هذا الدرب الوعر،لا بد لنا ان نباصر  الدبارة المناهجية التي تتيح لنا تفهما نقديا لسيرة خراف داكار و أخواتها في مشارق ثقافة العولمة و مغاربها.و في نهاية تحليل ما يمكن لأنصار نظرية "نصف الكوب الممتلئ" أن يروا في مشاركة الشعب في يانصيب "هامونز" خطوة اولى نحو فعاليات البينالي القادم[ عسى و لعل أن ينطوي الأمر على فرص كسب أوسع للمحظوظين، لكن المتشائمين المتمسكين بنظرية "نصف الكوب الفارغ" بالمرصاد حتى لا يساق الشعب للفن الإفريقي المعاصر كما تساق الخراف للمسلخ.

ترى كم خروفا يلزم رعاة الفن المعاصر لتنوير الأفارقة بمتع الفن المعاصر؟و كم خروفا يلزم رعاة  التحرر لتثبيت مبادئ الديموقراطية و حقوق الإنسان في مجتمع الأفارقة؟و كم خروفا يلزم رعاة العدالة الإجتماعية لتثبيت اسس تبادل اقتصادي عادل بين الأفارقة و سدنة سوق رأس المال؟ 

رحم  الله مولانا "بوب ديلان" الذي غنانا يوما :ـ

كم اذنا تلزم المرء حتى يسمع الناس يصرخون؟ 

«.. how many ears must one man have

Before he can hear people cry ?»,


لأن "بني جلدتنا" من الفنانين الآفروأمريكيين  الذين سدّوا اذنا بطينة و الأخرى بعجينة، مشغولون بـ "ليبرة" فنون القارة السوداء و لا أمل في ان يسمعوا صراخنا، و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.ـ


ــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش :ـ


 (1)

https://www.cnews.fr/divertissement/2017-06-28/pourquoi-dit-revenons-nos-moutons-758803


(2)

Salah Hassan et Cheryl Finley,«Diaspora Memory Place:Three Artists,Three Projects», Prestel,Munich, Berlin,London, New York, 2008.

(3)

نفسه

(4)

« دافيد هامونز" في حوار مع"كيلي جونز"في

 REAL LIFE 16 (Autumn 1986),اقتطفتهJacqueline Francis etTina Takemoto «David Hammons's "Dak'Art 2004 Sheep Raffle" dans

https://wattis.org/view?id=420.

(5)

شعار دولة مؤسسي ليبيريا كان :

حب الحرية أنى بنا هنا 

https://en.wikipedia.org/wiki/Americo-Liberian_people

(6)

 اقتطفه مانتيا دياوارا Manthia Diawara, »Dak'Art 2004 Sheep Raffle»,in S. Hassan&C.Finley, Diaspora Memory Place, 2008).

  1. مقدمة سارتر لمنتخبات سنغور من الشعر الزنجي و الملغاشي الجديد
  2. Anthologie de la Nouvelle Poésie Nègre et Malgache .., Leopold Senghor, PUF,1948


.(8)

« فرانز فانون"،"إنتيليون و أفارقة»في:»من أجل الثورة الإفريقية، 1964"

F. Fanon,«Antillais et Africains»,dans Pour La Revolution Africaine, Maspero, 1964).

(9)

 https://www.aquaportail.com/definition-1292-pseudopode.html

(10)

 Jerry Saltz in:

http://www.artnet.com/magazineus/features/saltz/saltz3-13-07.asp


(11)

سورة البقرة"219 »ـ

 


 الصور المرفقة مصوّرة من كتالوغ "3في 3 «  :ـ

(1)

يانصيب الخراف، عرض دافيد هامونز في بينالي داكار/ت 2994


(2) تذكرة "يانصيب الخراف"ـ